كنت أرى نفسي حينما كنت أغلق غرفتي في المساء وأجلب مطفأة السجائر
وعلبة السجائر التي أخبئها في علبة الذهــب القـطـيفة الحمراء،كنت أراني
مذنـبة أحيانا،لـماذا أجلب هذه الأشياء مادمت لن أستطع فعلهاأمام الآخرين
منـذ وقـت طويل منذ تركت هذه الغرفة وهـذا البيت، صرت أدخـن أقـل مـن
السابق لكني حين أفعل ذلك يكون دون اختباءولا اخفـاء لعلبـةالسجائـرداخل
علبـتي القطيفة الحمراء
................
كنت عندما أسمع خطوات بالخارج أتخيل أنها خطوات أمي أو أبي ،فأجري
على أطراف أصابعي أخفي مطفأة السجائر في درج المكتب وأضع العلبةفي
دولابي الصغير ، وأعطر الغرفة بمـعطرالجو
:)
الآن صرت عنـدما أدخن في غرفـتي الوحيدة الجديـدة والبعيده عنهم تستبد
بي الرغبة في سماع وقع أقدام أحدهم بالخارج ، لكنى لا أسمع شيئاً
منذ يومين حلمت بولد كنت أكتب له الأشعارعلى سبورة فصلـهم أثناء فترة
الراحة عندما يكن الكل في ملعب الكورة أو يتـنـاولون الفـطار فـوق سـطح
المدرسة
بالمناسبة -أيضاً -هذا الولد لم يعرني انتباها رغم أني كـنت البـنت الأشهر
في أنشطة المدرسة حيث لابنت تكتب الشعرغيري ولا بنت تدخل مسابقات
الـقـصـة غيري ولا هناك مـن أخـذت مـثلي شهادات تقدير من المدرسة أو
الوزارة
كنت أعتقد أنه مترفع وعنيد ومغرور ،بعد عام من هذا الحب المراهق الذي
أتلف حالي أيامها قررت بكل بساطة أن أنسى هذا الأبله
لما رأيته في الحلم كان يجلس قبالتي في مكان يشبه مكان أحبه جدا ،أذهب
إليه عادة عندما أرغب ألا َّ يعرف أحد أين أنا ، كان يجلـس قبالتي مسكينا
كأنه مذنب وأنا كنت أشرب سجائري وأطفئها في كفـه كنت أفعـل ذلك دون
رغبة منـِّى لكن يدي لم تكـن تتحرك إلا تجاه كفه لإطفاء السجائر بعـدهـا
استيقظت في الواقع كنت أضحك جدا خاصة وأنا كنت أعتقد أن هذااليـوم
سيكون شنيعا بسبب الحروحساسيتى المفرطة من روائح الناس المختلطة
أعرف أن الكثير الآن مـمـن كنت أعرف نسيوني تماماً،سواء كان السبب
أفكاري ، أوانطوائي أحياناً أو حتى اجتماعيتي المفرطة أحياناً والتي كانت
تجعل زميلاتي بالجامعـة يغيرون مني مثل سابقاتهم في الثانوية ،أو حتى
بسبب حبي لأشياء لم يفكروا فيها يوما
أمي منذ تركتها لأعمل بعيداً عنها وعن أبي وأخوتي لا تنام إلا إذا سمعت
صـوتي ونصحتني بنفس الأشياء التي تنصحني بها يومياً
اليوم الأخير من كل أسبوع حيث أعود أدراجي لبيتنا أكون قد غسلت فمي
جيدا وأظل طوال الطريق أمضغ اللبان كي أبدوا كما كنت
ربما حتى الآن ورغم أنه لم تعد هناك علب قطيفة يختبئ بها علب السجائر
إلاأني أشعرتجاهم بشيء لا أعرف معناه،لكن أخيرانصحني الطبيب إن كان
ولابد فلابد أن أغير النوع الذي أشربه بنوع أخف أكثر لأن رئـتي أنهـكت
يضحك هذا الطبيب منّي عندما أخبرته أول مرة أن التدخين يدفـعنـى نـحـو
الكتابة كما أحب
أنا أعرف تماماً أن هذه الصفحة ستستنزفني لكني لازلت لا أكتب ما أحبه
تماماً سواء مشروعاتي الكتابية أو خواطري أوحتى مذكراتي إلاعلى الورق
..............
العنوان من قصيدة لمحمود درويش*